{الناسخ والمنسوخ في القران الكريم}

الناسخ والمنسوخ هي خرافة ابتدعها بعض مشايخ المسلمين للاسف ودست في ديننا الحنيف بهتانا وزورا والتي اصبحت ضحيتها الكثير من الايات الكريمة , حيث حجمت هذه النظرية الكثير من الايات وجمدت مفعولها بحجة النسخ! وهذا بهتان عظيم

سأتناول في هذه المقالة موضوع الناسخ والمنسوخ بصورة مفصلة وبالايات الدامغة راجيا من الله التوفيق.
 ولكن قبل البدأ احب التنويه الى انني قد بينت في مقالة سابقة مفصلة بأنه لايوجد ناسخ ومنسوخ في ايات الخمر كما يعتقد البعض!! وان الخمر قد حُرم منذ اول اية ذكر فيها, للاطلاع على المقالة من هنا :
((#هل_حرم_القران_الكريم_الخمر_بصورة_تدريجية))

وبالدخول الى مقالة اليوم , حيث يعتمد كل من يؤمن بنظرية الناسخ والمنسوخ على قوله تعالى :
((مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا))
 حيث يعتقد المفسرون بان هذه الاية هي دليل دامغ على ان القران ينسخ بعضه بعضا ((حاشاه)) كما ويزعم البعض الاخر بأن الحديث القدسي عند (السنة) والحديث المعصوم عند (الشيعة) من الممكن ان ينسخ اية كذلك !! ((وهذا بهتان عظيم عظيم عظيم))

فالنتأمل هذه الايات جيدا :

((كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ))
((وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا))
((وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))
((مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ))
((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا))
((قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ))
 ((لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد))

فكيف لكتاب يصفه الله بالكمال ((احُكمت ايته)) نقول عنه بأن ايه تنسخ اية ؟؟ وكيف لاية ان تنسخ اية والله يقولها بكل صراحة ((لامبدل لكلماته)) ((مايبدل القول لدي)) ؟؟

فهل من المعقول ان نقول بأن الاية ((فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)) على سبيل المثل لا الحصر قد نسخت 22 اية ؟ (على حد قولهم) ومنها هذه الايات :
 ((وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ)) , ((فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ )), ((فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا )) , (( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا)) , (( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)) , (( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) , .....الخ !!
فمن غير المعقول بأن اية واحدة بأستطاعتها تجميد وتحجيم عمل 222 اية في كتاب الله بحجة الناسخ والمنسوخ وجعلها ايات منتهية الصلاحية (اكسباير) !!! ((مالكم كيف تحكمون ؟؟ )), فكل اية لها معناها وضروفها واماكن لتطبيقها فمن غير الممكن ان نأخذ اية ونطبقها بمعزل عن الايات الاخرى فالله لم يأمرنا مثلا بقتال المشركين بستثناء من اعتدى علينا منهم ((وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ)) لان الله قد امرنا صراحة بأحترام الناس المسالمة وعد مضايقتهم ابدا ((لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ))
فتطبيق حكم النسخ في هذه الاية (قتل المشركين)  سيكون منافي لايات كثيرة منها ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)) و ((فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ)) فكيف لله ان يقول لا اكراه في الدين ويعطينا مطلق الحرية بالاعتقاد ثم يقول اقتلوا الغير مؤمنين ؟؟؟ , وكذلك قوله ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) فالجهاد يكون بالقران والحكمة والموعظة وليس بالسيف ((وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا))!, بالاظافة الى ان ايه ((فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)) (رقم " 5 " من سورة التوبة ) لم ترد في سورة بمفردها وإنما وردت في سورة عدد آياتها (129) آية ، فالآية وردت في سياق من الآيات ، فقبلها أربع آيات وبعدها عشر آيات . ولايمكن فهم ماتعنيه هذه الاية دون قراءة هذه الخمسة عشر اية سويا , فالنبدأ من بداية سورة التوبة:

((بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ(1)فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ(2) وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(3) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ(4) فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(5) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ(6.....................................)))
 (بأمكانكم فتح المصحف وقراءة التكملة)

و الآن تعالوا لنرى هل نزلت هذه الآية لقتال أهل الأرض جمعياً و هل نسخت بقية الآيات التي تدعو الى الرحمة أم ماذا؟؟

لقد افتتحت سورة التوبة ببراءة الله والرسول من المشركين ، وليس كل المشركين ، بل هم الذين اضطهدوا الرسول في مكة ، وتآمروا على قتله ، وأخرجوه من وطنه هو واتباعه ، واستولوا على ديارهم وأموالهم وأبناءهم واغتصبوا حقوقهم ، لا لذنب سوى أنهم آمنوا بالدين الجديد ، واتبعوه دون أي اعتداء من الرسول والذين معه على أحد من مشركي مكة ، ودون إكراه لأحد أو إجبار وقد هادنهم الرسول وعاهدهم ووقع معهم معاهدة صلح من باب المناورة والمصلحة العامة وكسب الوقت , وعندما اشتد ساعد المسلمين وقويت شوكتهم أمر الله سبحانه الرسول والمسلمين أن يتبرؤا من هذه المعاهدة التي عقدت مع المغتصبين والمستبدين من أهل مكة ، وأمهلهم الله أربعة أشهر وهي الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال , ثم كرر الله البراءة من المشركين مرة أخري يوم الحج الأكبر , وكما قلنا ليس كل المشركين ، وإنما المغتصبون فقط لحقوق المسلمين ، بدليل أن البراءة الثانية قد تضمنت استثناء بعض المشركين الذين لم يغتصبوا حقوق المسلمين ولم يظاهروا " أي يناصروا " أعداء الرسول عليه , فهؤلاء أمر الله بالوفاء لهم بالعهد وعدم نقضه ((إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) , وذلك لأنهم لم يغتصبوا حقوق المسلمين ولم يضطهدوا أحدا منهم , وبالتالي من غير المنطقي قتالهم أو نقض عهودهم .
 وبعد هذا التوضيح من الله بشأن المشركين المغتصبون لحقوق المسلمين , والمشركين الغير مغتصبون لحقوق المسلمين , عاد النص ليذكر المسلمين بالمهلة التي أعطاها الله للمشركين حين قال تعالى {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر}
 فكان تذكير الله للمسلمين كالتالي , قال تعالى ((فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) هذا هو وضع النص في مكانه الطبيعي .

ولو قرأنا بقية السياق لوجدنا أن المقصودين من السياق بالقتال هم المشركين الذين أخرجوا الرسول وأتباعه من وطنهم مكة ، واستولوا على ديارهم وأموالهم وأبنائهم , والذين إن تمكنوا من المسلمين لا يرقبوا فيهم عهدا ولا ذمة, لأنهم صدوا عن سبيل الله وأنهم هم المعتدون ، وأنهم هم البادئون بالعدوان وإخراج الرسول وأتباعه من وطنهم بالقوة والقهر والتآمر عليه صلى الله عليه وسلم بالقتل.

وهذا ما ستجدوه جليا عند قراءة سوة التوبة مرورا بالاية المذكورة , فالايات التي تسبقها والايات التي تليها تتحدث عن نكران العهد وخيانة المشركين للمسلمين وبالتالي فأن هذا الحكم ينطبق على هذه الفئة من المشركين حصرا!!! حيث تأمرنا الاية بقتال هذه الفئة لانهم هم من بدونا بالقتال ((أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)) سأجعل الف خط تحت عبارة ((وَهُمْ بدءوكم اول مرة)) !!!! فالله لايحب المعتدين لايحب المعتدين لايحب المعتدين .
 ولطول موضوع اشراك اهل الكتاب من عدمه سألخصه بهذه النقاط البسيطة استنادا الى القران : حيث صنف القران اهل الكتاب الى عدة اقسام وهم:

١ـ المؤمنون برسالة محمد صلى الله عليه و سلم
2- اهل الكتاب المؤمنون بالله واليوم الاخر
٢ـ أهل الكتاب المسالمون قولاً و فعلاً
٣ـ أهل الكتاب المعتدون على الإسلام و المسلمين بالقول من دون الفعل
٤٤ـ أهل الكتاب المعتدون على المسلمين بالقول و الفعل

وكل فئة من هذه الفئات لها حكمها وطريقة للتعامل معها حسب ايات القران الكريم فلا يجوز خلط الامور مع بعضها البعض بحجة الناسخ والمنسوخ ((سأحاول في المستقبل القريب ان شاء الله كتابة موضوع خاص ومفصل عن اهل الكتاب وهل جميعهم كافرون ويجب قتلهم كما يقال؟؟)).
 للعلم فقط بأني اثبت وبالدليل القراني الدامغ بمقالة سابقة بأن جل اهل الكتاب من امن منهم بوحدانية الله وعمل صالحا هم من (المسلمين) بشهادة كتاب الله الكريم , لقراءة المقالة من هنا
((#كلنا_مسلمين_وإن_لم_ننتمي))

هذا مثال بسيط ومختصر عن اية واحد من ايات الناسخ والمنسوخ والتي تمت تسميتها (بأية السيف) رغم جهلي لغاية اللحظة بسبب هذه التسمية !! كون ان كلمة (سيف) لم ترد في القران الكريم ولا مرة !!!! , والامثلة تطول وتطول , فلا يجوز اقتتطاع اية من سياق كلام ونعتمدها كأية اصلية وننسخ كل اية تخالفها بالمعنى فهذا خلاف العقل والمنطق وكذلك خلاف لروعة وبلاغة القران الذي تكلم عن كل شي وكل حالة وكل ضرف ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)).

كما وكيف لكتاب يقول عنه الباري بأنه كتاب ((لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفة)) و (( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)) ونحن نزعم بان هنالك ايات قد انسيت ولم تعد موجودة كالايات التي اكلتها الماعز مثلا !!!! كما في الحديث الذي ينسبوه لرسول الله ((حاشاه)) :
((روى عبد الله بن الإمام أحمد في " زوائد المسند " (21207) ، وعبد الرزاق في " المصنف " (5990) ، وابن حبان في "صحيحه" (4428) ، والحاكم في "المستدرك" (8068) ، والبيهقي في "السنن" (16911) ، وابن حزم في "المحلى" (12/175) من طريق عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ : لي أُبيِّ ابن أبي كعب: كيف تقرأ سورة الأحزاب؟ قلت: سبعين أو إحدى وسبعين آية، قال والذي أحلف به، لقد نزلت على محمد (صلعم) وأنها تعادل سورة البقرة أو تزيد عليها.)، وَلَقَدْ قَرَأْنَا فِيهَا : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ))

فمن المفترض ان نطبق الحديث الذي رواه احمد عند السنة وكذلك الحديث الذي رواه الامام المعصوم على حد قول الشيعة والذي يقول ((حدثنا محمد بن الحسن عن الحسن بن الحسن بن أبان عن إسماعيل بن خالد قال : قلت لأبي عبد الله ع : في القرآن الرجم ؟ قال : نعم قال الشيخ : والشيخ إذا زنيا فارجموهما البتة فإنهما قد قضيا الشهوة .

فمن المفترض ان نطبق هذه الاحاديث كونها احاديث (قدسية ومعصومة!!) وننكر ما جاءت به سورة النور المفروضة من الله تعالى ((سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا)) ونعتبر حكم جلد الزاني والزانية التي جاءت به منسوخ نسبة الى احاديث يقال انها للنبي ؟؟ ((مالكم كيف تحكمون))

فهل يعقل بأن يخالف النبي عليه الصلاه والسلام ما جاء به القران وهل يمكن ان نعمل بهذا الحديث المغالط للنص القراني ؟؟ وهل من المنطق بأن حديث ينسخ اية ؟؟ ليس هذا وحسب بل ان هنالك حديث اخر ينص على ان سبب هذا النقص الحاصل في سورة الاحزاب وضياع اية الرجم هي (( بقرة !!!! )) :

((روى ابن ماجه بسنده عن عائشة رضى الله عنها قالت: (لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشرا، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته، دخل داجن فأكلها.))
 فبسبب هذه البقرة ضاع نصف الدين !!!! ((سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا)) فنحن الان امام حلان لاثالث لهما :
 اما ان نؤمن بهذه الاحاديث ونعتبرها ناسخة للنص القراني الذي حفضه الله من هذه البقرة اللعينة ومن كل شر (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) متجاهلين كل الايات التي قمت بسردها في الاعلى , او ان نؤمن بان القران كتاب سماوي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كما جاء به النص القراني وان هذه الاحاديث منسوبة الى النبي وهو برئ منها !! ((الخيار لكم ))

وبالعودة الى اية النسخ والتي علينا ان نتأملها جيدا لمعرفة تفسيرها الصحيح :((مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)) ماذا تعني كلمة اية ؟؟
 كلمة اية هنا لم تأتي بمعنى الاية القرانية (( اية الكرسي , اية المجادلة , اية الطلاق , اية الزكاه ... الخ)) كما في قوله تعالى ((تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ )) والتي فهمها به اغلب علماء الدين للاسف وانما جاءت بمعنى ((حكم))
 ((اي مانمحي من (حكم) او ننسيكموه فهو من اجل الخير لكم )) كما في قوله تعالى :

((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) .... اي ان في ذلك لاحكام لقوم يوقنون
 ((قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ )) ... اي لقد كان لكم حكمة او عبرة
 ((يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )) ... اي يبين لكم الاحكام

وربما سيتسائل سائل اذا كان معنى كلمة اية هو (حكم) كما تقول فما هي الاحكام التي نسخها القران ؟؟ رغم قولك بأن لا يوجد ناسخ ومنسوخ في القران؟

ج/ نعم القران لم ينسخ بعضه بعضا كما يقولون (حاشاه) وانما قام بنسخ الشرائع السابقة فقط وتبديلها للاحسن ((لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)) .. ولتوضيح ذلك اليكم هذه الامثلة :

1- حكم من اشرك بالله ويريد التوبة في فترة النبي موسى هو ((قتل النفس)) :
 ((وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ (فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ) ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) ولكن هذا الحكم قد نسخ بأحسن منه عند امه محمد حيث اصبحت التوبة فقط بالرجوع الى الله واستغفاره

2- اليهود مثلا منع عليهم اكل اللحوم التي اختلطت بعظم وشحوم البقر ((وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوْ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ)) وهذا الحكم منسوخ بحكم احسن منه لِـ امة محمد في القران

3- كتب الله على اليهود في التوارة حكم النفس بالنفس والعين بالعين ((وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ )) وهذا حكم منسوخ باحسن منه بأمه محمد حيث امرنا ربنا ب (( ولا تزر وازرة وزر اخرى))

4- نسخ قبلة الديانات السابقة بقبلة مثلها حيث امرنا الله بالتوجه الى المسجد الحرام (علماً بأنه لاتوجد آية قرآنية تدعو الى التوجه في الصلاة الى بيت المقدس !!) ((فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ))

والامثلة كثيرة جدا في كتاب الله .. فالله سبحانه وتعالى نسخ في القران بعض الاحكام التي كانت في الشرائع السابقة ليجعل من هذا الدين دين سماوي بأمتياز ولنكون بالفعل خير امة اخرجت للناس . ولو رجعنا الى اية النسخ والاية التي تسبقها لوجدنا:

((مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنـزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ ((خَيْرٍ)) مِنْ رَبِّكُم ْوَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)۞ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ ((بِخَيْرٍ)) مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106))

ركزوا على كلمة (خير) في الايتين !!.. ماذا تلاحظون ؟؟!

الاية توضح سخط اهل الكتاب والمشركين من نسخ شرائعهم واحكامهم بأحكام احسن منها , وهذا التخفيف العظيم من قبل الله سبحانه وتعالى جاء لمن يتع الرسول النبي الامي كما وضحته الاية الكريمة: ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ (((وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ))) ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ))
 ولنركز اكثر على قوله ((وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)) والذي يبين حجم التخفيف الذي جاء به خاتم الخلق عليه افضل الصلاه والسلام في القران والذي جاء ناسخا للشرائع السابقة.

وقبل نهاية الموضع لابد من التنويه ايظا الى الاية التالية والتي يعتبرها البعض احدى ايات النسخ كذلك ولو بدرجة اقل من سابقتها
((وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ ۙ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ))
 فهنا كلمة اية ايظا جاءت بمعنى (حُكم) والتي تبين كذلك سخط اهل الكتاب من تبديل احكامهم بأحكام اخرى مختلفة واتهموا النبي بالافتراء حاشاه ليجيبهم الله سبحانه ((قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ )) فهذه الاحكام ماهي الا تخفيف وهدى ورحمة للمسلمين . ولابد من الاشارة الى نقطة مهمة ايظا وهي ان هنالك بعض الايات التي تعتبر منسوخة بنظر علماء الدين وانما هي بالاصل ((تكامل وتعاضد)) للايات فيما بينها فعلى سبيل المثال : امرنا الله ان نقول لوالدينا ((وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)) ولكنه في نفس الوقت قال ((وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)) فيجب على المسلم أن يستغفر لوالدية إلا اذا كانا عدوين لله تعالى ، وهذا ليس نسخ ولكن تكامل وتعاضد الآيات بعضها ببعض.
 فلا يجوز ان نفهم الآيات بمعزل عن الآيات الأخرى ،فكل آية تعضد وتكمل الآية الأخرى.

#ختاما :الناسخ والمنسوخ موضوع كبير وعميق جدا وربما يأخذ شرحه صفحات وصفحات من الكتابة  والجهد بالاعداد فيما لو اردنا تناوله بصورته المفصلة نظرا لكثرة الايات (المتهمة بهتانا ) بالنسخ , ولكني حاولت جاهدا ان اللخصه بهذه السطور كي يصل الى قلوب الذين اوتوا العلم وكي يتدبره اولي الالباب بيسر وحكمة , ففكرة الناسخ والمنسوخ بحد ذاتها هي اهانة لروعة القران وعظمته , فالقران الكريم كتاب كامل لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفة فهو غير قابل للشطب والتعديل (النسخ) وانما احكم الله اياته وفصلها بروعة وحرفنة لتناسب كل زمان ومكان ولكنه بذات الوقت خفف بعض الاحكام للمسلمين بنسخه لبعض الاحكام التي كانت مطبقة في الديانات الاخرى ولم ينسخ بعضة البعض كما يزعم علمائنا اليوم للاسف, كما وان هنالك بعض الاحكام المنسية والتي لم يذكرها القران في الشرائع السابقة والتي وضحتها الاية التالية ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ )) أي أن هناك رسل لم يخبرنا الله تعالى عنهم هؤلاء الرسل جآءوا بآيات (أحكام وشرائع وايضاً معجزات .)هذه الايات تعتبر منسيه بالنسبة لنا، فلا نعرف عن احكامهم وشرائعهم شيئاً ولكن هل تعلمون ماذا قال الله بعد هذه الاية ؟؟؟
 قال ((يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)).

ارجو ان اكون قد وفقت بهذه المقالة والتي اعدّتها خصيصا لاولي الالباب الذين يستمعون القول فيتبعون احسنة والذين يتمسكون بجوهر الموضوع لا قشوره , فالغاية الاكبر هي تدبر كتاب الله وابرازة بالشكل الجميل والرائع والفذ الذي انزل به ليكون خير جليس في كل زمان ومكان وليس كما يصوره البعض على انه كتاب يدعوا للقتل والترهيب ووو من الامور التي لاتمت اليه بصلة ويتمسكون بحجة الناسخ والمنسوخ للعمل بأيات معينة وتحجيم اخرى !! ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)) !؟, كما واتمنى من الجميع قراءة المقالة بتدبر وحكمة بعيدا عن منطلق (كل فكر مغاير للسائد هو مرفوض) !! كما فعل الذين من قبل حين قالوا (( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ)) كما واكرر مااقوله دوما في مقالاتي بأني لست بعالم دين ولا داعية ولا حتى فقيه اسلامي بقدر ما انا شاب بسيط يقرأ كتاب الله ويتدبره بقدر ما جاء به من يسر. وخير ما اختم به هذه المقالة هو هذه الاية الكريمة :

(( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)), كل هذا والله اعلم

اسف على الاطالة ودمتم بود
"حيدر علي"
Hayder Ali

تم عمل هذا الموقع بواسطة