{هل حرم القران الكريم الخمر بصورة تدريجية ؟؟}
لو سألنا هذا السؤال لاي شخص فبكل تأكيد سيجيب بالصورة التالية :
11- نعم, لقد حرم القران الكريم الخمر بصورة تدريجية لان اغلب المسلمين كانوا يدمنون الخمر ولن يستطيعوا تركه بسهولة لذلك جاء التحريم بصورة تدريجية , حيث انزل الله هذه الاية ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)) والتي تحذر من الخمر ولكنها لم تحرمه
2- ثم سيقول بأن الله قد منع المسلمين من التوجه الى الصلاه وهم سكارى , اي لم يحرم الخمر الا في وقت الصلاه !!! ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ))
3- وبعدها سيزعم بأن الأيتين السابقتين قد نسختا (أي تم إلغاءهما وأصبحتا بلا مفعول ولا تأثير .....سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ) لتحل محلهما الاية التالية ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) كون الاجتناب هو اقصى درجات التحريم وهذا لسان 90% من المسلمين اليوم ((وهم محقون في هذه الجزئية ولكنهم اخطوا في تفسير الايات وتدبرها بشكل صحيح))
كل هذا يعود الى نظرية الناسخ والمنسوخ والتي يقتنع فيها اغلب المسلمين للاسف رغم انها تخالف العقل والمنطق, بسبب اعتمادهم على الاية الكرية ((مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَ)) والتي اساء الكثير تفسيرها للاسف ((والتي سأشرحها بشكل مفصل في مقالة مستقلة ان شاء الله)) .
متناسين بأن الله سبحانه وتعالى قد وصف هذا الكتاب الكريم ب((كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)) فكيف لكتاب احكمت اياته يعمل بمبدا الناسخ والمنسوخ ((اية تلغي اية)) وكيف يمكن لحديث ان ينسف اية !!! ((مالكم كيف تحكمون)) الم يقل الله بكل صراحة ((مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ))؟؟
ومثلما اوضحت سلفا فالموضوع طويل وسأثبته بالادلة القرانية الدامغة في مقالة مفصلة ان شاء الله في المستقبل القريب
وبالعودة الى موضوع اليوم وهو الخمر , فأن الله سبحانة وتعالى قد حرم الخمر من اول اية ذكره فيها ,ولم يكن تحريما تدريجيا كما يزعم البعض , ليس هذا وحسب بل جعله من الكبائر ايضا .. كيف ذلك ؟
فلنتدبر الاية الكريمة الاولى في تحريم الخمر {{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا (إِثْمٌ كَبِيرٌ) وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}}
نلاحظ بأن الله سبحانه وتعالى قد اعط لشارب الخمر ((اثم كبير)) وهو ماقد حُرم وبشدة في سورة الاعراف والتي نزلت قبل سورة البقرة حسب ترتيب نزول السور , حيث ترتيب سورة الاعراف هو ((39)) بينما ترتيب سورة البقرة ((87)) من حيث النزول.
وهذا يدل على ان سورة البقرة عندما ذكرت بأن الخمر فيه اثم كبير لم يستغرب المسلمين في ذلك الوقت كونهم يعرفون ان الاثم حرام كما سبق وان قرأوا ذلك في سورة الاعراف {{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (وَالإِثْمَ) وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ }} , فأذا كان الاثم حرام فما بالك بالاثم الكبير ؟؟!!
ولتأكيد تحريم الخمر في هذه الاية علينا ان نسأل هذا السؤال :
ماهو الذنب الذي لايغتفر عند الله ...؟؟ بكل تأكيد سيجيب الجميع ((الشرك بالله))
وهذا صحيح , لذا علينا ان نتأمل قوله تعالى : {{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}} ومنها سنكون المعادلة التالية :
((الشرك بالله = اثم عظيم , وشرب الخمر = اثم كبير ))
وعليكم ان تتخيلوا حجم التحريم الذي جاءت به هذه الاية للخمر !!!
ولاننسى كذلك بان الله جل جلاله امرنا بأجتناب كبائر الاثم ((الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ)) والخمر مثلما ذكرت الاية هو اثم كبير لذا هو من الكبائر !
ربما سيقتنع البعض بهذه الكلام ولكنه مازال يتسائل ومامعنى تكملة الاية ((فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)) فبكل تأكيد للخمر ((كل ما يخامر العقل من مواد مخدره)) له فؤائد لاتعد وتحصى في الطب الحديث اعتمادا عل نظرية ان القران صالح لكل زمان ومكان ناهيك عن قوله تعالى ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ))والذي يعدنا بتفاسير قرانية متجددة في المستقبل ربما لم نلاحظها او نتدبرها بصورة صحيحة اليوم بينما سنكتشفها في المستقبل القريب او البعيد .
لذا ففوائد الكحول والخمور في يومنا هذا كثيرة حيث :
1- تعتبر المطهرات الكحولية في المستشفيات والمنازل (الديتول مثلا) من المواد التي لاغنى للإنسان عنها في تعقيم الجروح وأماكن العمليات وتطهير المنازل والمستشفيات.
22- يعتبر المورفين ومشتقاته مثل الفينتانول من مسكنات الألم الرئيسية في اثناء وبعد العمليات الجراحية وفي تخفيف الآلام المزمنة وهي بحد ذاتها اذا أسئ استخدامها تعتبر مواد مخدرة.
3- تحتوي الكثير من العلاجات الهامة على مواد كحولية مثل (البنادول) ولاغنى للإنسان عنها.
فهذه منافع المواد المخدرة ((على سبيل المثال لا الحصر )) وهي منافع يجب أن تخضع لشروط وقانون , فعند الاستخدام الخاطيء لهذه الادوية والموادة ستححول الى مواد مضرة ومخدرة وبالتالي تتحول الى إثم.
بعد كل هذا سيتسائل سائل وما تفسير بقية الايات التي تخص الخمر اذا كانت اول اية هي من حرمته وانتهى الامر ؟؟
لذلك سنتدبر الايات المتبقية .. الاية الثانية تقول (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)) وهنا كلمة سكارى لاتعني بالضرورة شرب الخمر !!! , بينما ((تعنى الشرود الذهني او الغفلة)) كما وضحتها الايات التالية :
((لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)) هنا سكرتهم جاءت بمعنى الغفلة او الشرود الذهني عن الحق , وكذلك قوله تعالى
((وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)) هذه الاية تبين بأن لحظات البعث لحظات شديدة يتخبط فيها الانسان (فاقدا للادراك او شاردا للوعي) حاله اشبه بحال السكران.
فلو كانت كلمة سكارى تعني (شرب الخمر) فمعنى هذا بأن بأمكان المسلمين شرب الخمر بصورة طبيعية ولكن دون الوصل الى مرحلة السكر (الثمالة) وبالتالي اداء الصلاه بصورة طبيعية وبالتالي سيفهموا مايقولون ولا عليهم اي حرج !!!!! (فهل هذا تفسير منطي يلامس العقل ؟) , لذلك فأن هذه الاية لا علاقة لها بتحريم الخمر وقت الصلاه اطلاقا , وانما هي تمنع المسلمين من الصلاه وهم في حالة شرود ذهني او عدم تركيز لاي سبب كان ((سواء مرض او اضطراب او شرب الخمر اواواو الخ من الامور التي تؤدي الى عدم التدبر بقراءه السور والتركيز في الصلاه)) لان الغرض الاول والاخير منها هو (( حتى نعلم مانقول)) !!
{{وكم من مصلي في يومنا هذا لايفقه مايقوله في صلاته دون ان يشرب الخمر !!}
اما بالنسبة للاية الاخيرة ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) نلاحظ بان الله سبحانه وتعالى قال ((فأجتنبوه)) ولم يقل ((فأجتنبوهن)) رغم أن عدد المحرمات كبير وهي ((الخمر والميسر والانصاب والازلام)) ، فمن هو الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى بإجتنابه في هذه الاية ؟
فعند تدبر الاية بشكل جيد نلاحظ بأن الاجتناب هنا للشيطان أو لرجس الشيطان ((رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ )) فكلمة فأجتنبوه تعود على الشيطان اي ((اجتنبوا الشيطان)) والذي يريد أن يوقع بيننا العداوة والبغضاء في الخمر والميسر.
بعد كل هذا الشرح قد يسأل سائل : ماالفائدة من كل هذا الكلام مادمنا وصلنا الى نتيجة واحدة وهي تحريم الخمر؟
ج/ أردت أن أمهد هنا لقضية خطيرة كانت أحد أسباب هجر القرآن وهي أكذوبة الناسخ والمنسوخ والتي عطلت تدبر كتاب الله وجمّدت الفكر الإسلامي بشكل كبير , وحجمت الكثير من الايات بحجة النسخ ! .لذا فتناول مسألة تحريم الخمر ماهو الا بداية لتفنيد نظرية الناسخ والمنسوخ في كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير .
#ختاما : اترك التدبر لكم لما ذكر في الاعلى فهذه المقالة هي لاولي الالباب بصورة خاصة والذين يستمعون القول فيتبعون احسنة والذين يتفكرون في ايات الله ولا يخرون عليها صما وعميانا لان للاسف الشيديد في يومنا هذا اي تدبر اوفكر جديد يخالف ما عهدنا عليه اباءنا يعتبر بنظر الكثيرين هو فكر خاطى ليس لانه كذلك ولكن خوفا من نبذ السائد والمألوف.
سأحاول جاهدا ان اعد مقالات مفصلة في المستقبل القريب ان شاء الله لدحض موضوع الناسخ والمنسوخ كونه موضوع كبير ويحتاج الى جهد كبير في الاعداد من اجل الوصول الى النتيجة المرجوه منه.
كما اود ان اكرر ما اقوله دوما مع كل مقالة بأني لست بعالم دين ولا مفكر اسلامي ولا حتى بداعية بقدر ما انا شاب بسيط يتدبر كتاب الله بقدر ما جاء به من يسر ويبحث دوما عن الحقيقة المنطقية للامور والتي دائما ما ترافق هذا الدين الحنيف , كل هذا والله اعلم.
اسف على الاطالة ودمتم بود.
"حيدر"
Hayder Ali